ما رأيك في خدمات الفهرس العربي الموحد؟

الخيارات

لقد فتحت الابتكارات التكنولوجية والتغييرات الرئيسة في مجال الفهرسة على مدى العقود الثلاثة الماضية الباب لآفاق جديدة، حيث تلعب الآلات دورًا نشطًا وفعالًا في فك تشفير البيانات الوصفية الببليوجرافية ومشاركتها. ونتيجة لهذه التطورات الجديدة في التكنولوجيا، ظهرت ثلاثة معايير رئيسة في مجال الفهرسة تقود الثورة، وسيعني تبنيها تغييرات كبيرة في الطريقة التي يتعامل بها المفهرسين، وبالنظر إلى العديد من المشاريع والنماذج والأوراق التي يتم نشرها ومناقشتها داخل مجتمع المكتبات، يصبح السؤال، كيف ستبدو فهرسة مصادر المعلومات وإنشاء البيانات الوصفية في العقد القادم؟ وإلى أين نتجه؟

تم تطوير العديد من مبادرات إدارة البيانات الوصفية داخل وخارج مجال المكتبات، ولكن يوجد حاليًا ثلاثة معايير كبيرة محط أنظار الجميع في مجالات الوصف الببليوجرافي والتي من المحتمل أن تكون الأكثر تحويلًا لمسؤولي خدمات البيانات الوصفية في المكتبات. الأول هو النموذج المرجعي المكتبي للإفلا (IFLA  LRM) الذي يسعى إلى تنسيق النماذج المفاهيمية المُختلفة التي وضعتها الإفلا: (FRBR, FRAD, FRSAD) المختلفة في نموذج واحد. والثاني هو التطوير المستمر وإعادة صياغة لقواعد وصف وإتاحة المصادر (RDA)، وهي مجموعة القواعد المستخدمة لتوحيد الوصف الببليوجرافي للوصول والمشاركة على مستوى العالم. والثالث هو معيار (BIBFRAME)، وهو معيار تكويد سيحل في النهاية محل معيار مارك باعتباره المستودع الأساسي للبيانات الببليوجرافية. وهذه المعايير الثلاث متشابكة للغاية، وتعتمد بشكل كبير على بعضها البعض في التنفيذ. والفرص التي توفرها هذه الأدوات الجديدة ،  تنقل بها بيئة الفهرسة إلى بيئة أكثر قابلية للاكتشاف ويمكن للمستخدمين الوصول إليها.

تعد قواعد وصف المصادر وإتاحتها  (RDA) ونموذج الإطار الببليوجرافي (BIBFRAME) والنموذج المرجعي المكتبي للإفلا  (IFLA  LRM)  جزءًا من تحول كبير في مجال الفهرسة. وتستند هذه المعايير على فكرة وصف موارد المكتبة من حيث الكيانات الأساسية مثل الأعمال والتعبيرات ... إلخ. ويتيح هذا الأسلوب طريقة أكثر مرونة وتعبيراً لوصف موارد المكتبة، كما أنه يسهل مشاركة البيانات الوصفية وإعادة استخدامها عبر منصات مختلفة.

ما هذه المعايير وكيف ستؤثر على أساليب الفهرسة؟

النموذج المرجعي المكتبي للإفلا (IFLA LRM) هو مرجع مفاهيمي رفيع المستوى في إطار نموذج العلاقات بين الكيانات المُختلفة، وتجميع للنماذج المفاهيمية المُختلفة التي وضعتها الإفلا : (FRBR, FRAD, FRSAD) لتحقيق نموذج واحد مُتسق منطقي سلس يُغطي كل جوانب البيانات الببليوجرافية وفي الوقت نفسه يُحدث النموذج بما يتوافق مع المُمارسات الحديثة. صُمم هذا النموذج من أجل البيانات المُترابطة ولدعم استخدام البيانات الببليوجرافية المُترابطة. ويشتمل النموذج على كيان (مستوى) واحد من المستوى الأعلى، يظهر في المربع الأحمر (الشئ) ؛ وجميع الكيانات الأخرى هي فئات فرعية مباشرة أو غير مباشرة من الشئ وتظهر في المربع الأخضر وهم (8) كيانات وهم (العمل، التعبير، المظهر  المادي، المفردة، الوكيل، التسمية، المكان، الفترة الزمنية.) ويُظهر في المربع الأزرق الكيانين اللذين يمثلان فئة فرعية من وكيل الكيان: (الشخص والوكيل الجماعي)

Image

 

رسم تخطيطي يوضح كيانات LRM

 

- قواعد وصف وإتاحة المصادر (RDA)  هو معيار الفهرسة الجديد الذي حل محل قواعد الفهرسة الأنجلو-أمريكية (AACR2)،  وتجاوز قواعد الفهرسة السابقة في أنه  وفر حزمة من عناصر البيانات والإرشادات والتعليمات الخاصة بإنشاء البيانات الوصفية لوصف موارد المكتبة والتراث الثقافي والتي تم إعداداها بشكل جيد وفقا للنماذج الدولية لتطبيقات البيانات المترابطة التي يركز عليها المستخدم. ويعتمد الإصدار الجديد من RDA Toolkit على  تقرير (IFLA LRM)، والذي يوفر إطارًا مفاهيميًا لفهم موارد المكتبة بشكل جديد.

- أثر LRM  في تكوين ثلاثة كيانات جديدة إلى RDA وهما : الوكيل الجماعي (Collective Agent)، التسمية (Nomen)،  والفترة الزمنية (Time-span). 

- صقل بعض الكيانات ونقل كيان (الهيئة والعائلة) وأصبحوا كيانات فرعية من الكيان الأكبر لهم وهو (الوكيل الجماعي)

- نفذت RDA جميع كيانات النموذج المفاهيمي LRM باستثناء (الشئ res) واستبدل بـ (كيان وام RDA entity)

- تقديم مفاهيم جديدة من النموذج المفاهيمي LRM وهي

  • التسميات (Nomens) و ألقاب (Appellations)
  • عناصر بيان المظهر المادي (Manifestation statement)
  • التعبيرات التمثيلية  وأضيفت التعليمات المرتبطة بهم عند الاقتضاء.
Image

صورة من RDA ToolKit محدد بها الكيانات المضافة تأثرا بتقرير LRM

 

معيار الإطار الببليوجرافي (BIBFRAME) هو مبادرة لتطوير معايير الوصف الببليوجرافي إلى نموذج البيانات المترابطة؛ حيث تم تطويره في سياق الويب الدلالي لتمثيل البيانات الببليوجرافية في شكل يمكن قراءته آليًا من خلال اعتماده على إطار وصف الموارد (RDF) لتمثيل البيانات، وتم تصميمه كبديل لصيغة  مارك  ويغطي وظائفها بل ويوفر المزيد من الإمكانيات للإتاحة وللتعامل عبر بيئة الويب، كما أنه صمم للتوافق مع مستقبل الوصف الببليوجرافي، ولجعل فهارس المكتبات جزءا من الشبكة العنكبوتية. ويهدف إلى إعادة تصور وتنفيذ بيئة ببليوجرافية جديدة للمكتبات قوية بما فيه الكفاية للتعامل مع السنوات الماضية والقادمة وأن تستوعب وصف وإدارة المواد التقليدية وغير التقليدية والتي أفرزتها البيئة الرقمية. مما يعمل على تعزيز استكشاف المعلومات من خلال استخدام الروابط وتقنيات شبكة الويب العالمية وعمل على تقسيم جديد للكون الببليوجرافي من خلال تحديد الكيانات الرئيسة له وهي العمل والمثيل والمفردة والتي يتوافق فيها جزئيا مع LRM.

 

 

Image

الإصدار الثاني من BIBFRAME 2.0 الصادر في أبريل 2016

 

تمثل المعايير سابقة الذكر أدوات مهمة لمستقبل الفهرسة والبيانات الوصفية؛ حيث أنها توفر طريقة أكثر مرونة وتعبيراً لوصف موارد المكتبة، وتسهل مشاركة البيانات الوصفية وإعادة استخدامها عبر منصات مختلفة. كما ستسمح للمكتبات بتقديم خدمة أفضل لمستخدميها والمساهمة في المشاعات المعرفية العالمية. وفيما يلي تأثيرات هذه المعايير في مستقبل عمليات الفهرسة .

  • زيادة المرونة : توفر RDA طريقة أكثر مرونة لوصف موارد المكتبة مقارنة بمعايير الفهرسة السابقة؛ حيث تتيح إطارًا متسقًا ومرنًا، وقابل للتوسع لوصف جميع أنواع الموارد سواء كانت التقليدية أو التي أفرزتها البيئة الرقمية.
  • الابتعاد عن الغموض والقرب أكثر من المستفيد النهائي وذلك من خلال توفير البيانات المسجلة بطريقة واضحة غير ملتبسة، والبعد عن استخدام المختصرات والرموز، والاستخدام المتعدد لمسميات العلاقة التي توصف الارتباط بين الأعمال وبعضها، كما وفرت قواعد (RDA) المرونة في التوسع في حكم المفهرس في تسجيله لبعض البيانات، ووضع سياسات خاصة لوكالة الفهرسة والتي توفر الوقت في إنشاء البيانات الوصفية.
  • الفهرسة حسب نوع الكيان : تتجه معايير الفهرسة الآن إلى تقديم تصور معاصر للبيانات الببليوجرافية من أجل توفير القيمة المضافة للفهرس؛ مما يؤدي إلى ابتكار أساليب تسمح بإعادة بناء البيانات الببليوجرافية الموجودة وفق طرق عرض جديدة، والذي بدوره يعمل على توضيح العلاقات بين الكيانات الببليوجرافية الموصوفة في الفهارس، وينظم هذه الكيانات  وفقًا  للتسلسلات الهرمية المنطقية. وبالتالي يمكن أن يقوم هذا التصور بفرز وترتيب مجموعات التسجيلات الببليوجرافية، وإنشاء عروض هرمية لمجموعة التسجيلات من خلال إيضاح الفروقات داخل عمل ما مثل التعبيرات المرتبطة بهذا العمل (مثل: الترجمة الألمانية واليابانية ... إلخ)، والمظاهر المادية من نفس النص الأساسي (مثل: إصدارات المكتبة العصرية، إصدارات دار الفكر ... إلخ)، ونسخ معينة (مثل: نسخة رواية السكرية على الرف داخل المكتبة)، وعرضه بطريقة منطقية والتي بدورها ستسمح للمستفيدين بالعثور على المعلومات، وتحديدها، واختيارها، والحصول عليها، وفي هذه الصيغة يُعرض كل مستوى بالتسلسل الهرمي، وتتوارث المعلومات من المستوى السابق؛ وبالتالي سيوجد أوصاف منفصلة لكل من الأعمال، والتعبيرات، والمظاهر المادية، والمفردات. وبهذه الطريقة ستصبح جميع المعلومات عن العمل مركزية في تسجيلة واحدة. وأما التعبيرات، والمظاهر المادية، والمفردات اللاحقة لهذا العمل ستضيف فقط المعلومات الخاصة بكل كيان على حدة، فعلى سبيل المثال: لا نحتاج عند وجود طبعات مختلفة عن العمل من إنشاء تسجيلات منفصلة لكل منهما، بل سيتم إنشاء وصف واحد للعمل، ومن ثم ربطه ببيانات الطبعة وباقي بيانات المثيل الأخرى ؛ وبهذا الأسلوب ستتوافر سمات متأصلة للمجموعات ذات الإصدارات المتعددة من نفس العمل الواحد، بالإضافة إلى فهرسة المنشورات الجديدة بسرعة أكبر، وتحديثها بشكل أكثر كفاءة.
  • سلوكيات الفهرسة سيعتمد جزء من عملية الفهرسة على اختيار المفردات من القوائم المنسدلة، أو المصطلحات المقيدة والتي تعتمد على وجود المعرفات أو (URIs) مما تساعد بيئة الويب الدلالي من فهمها وتمييزها آليا، كما ستعطي الفهرسة خيارات النسخ، أي أخذ البيانات كما متاحة على المورد الموصوف والتي توصي بها القواعد الوصف الحديثة (RDA)
  • تضاءل الحاجة إلى استخدام علامات الترقيم في عمليات الوصف إلى حالات محددة، ويرجع هذا إلى استخدام طرق أخرى في عرض البيانات الوصفية في الفهارس الإلكترونية التي تدعم البيانات المترابطة والإطار الببليوجرافي بشكل مهيكل.
  • التحول إلى المجموعات الرقمية: تتجه المكتبات الآن نحو رقمنة المزيد من مجموعات المكتبات، مما يعني أن المفهرسين بحاجة إلى فهم كيفية إنشاء وإدارة البيانات الوصفية للموارد الرقمية والوصول المفتوح للموارد بطريقة تكون أكثر قابلية للاكتشاف.
  • الحاجة إلى مزيد من التعاون: سيحتاج المفهرسون إلى التعاون مع متخصصي المكتبات الآخرين، من أجل إنشاء وإدارة البيانات الوصفية التي تلبي احتياجات المستخدمين.
  • توفير دقة  البحث وإعطاء قدرة للمستفيد من التحديد الدقيق لمطابقة نتائج البحث وفق متطلباته من خلال تحديد الكيانات الأساسية داخل الأوصاف الببليوجرافية.
  • الإبحار الوجهي: توصي المعايير الحديثة للفهرسة بتصميم واجهة بحث متعددة الأوجه، والتي تسمح للمستفيدين بتصفية نتائج البحث حسب معايير مختلفة مثل : التنسيق والناشر والطبعة ... إلخ؛ مما يساعد المستفيدين من التحديد الدقيق لنتائج البحث وفق متطلبتهم.
  • المزيد من التركيز على تجربة المستفيد : تتجه معايير الفهرسة الحديثة نحو تصميم فهارس قريبة من سلوك المستفيد العادي مقارنة بخدمات الويب الناجحة والمتنوعة والتي ينبغي أن تتماشى بنفس مستوى التطور أو حتى أعلى منه ليناسب الجيل الجديد من المستفيدين ويحسن من قدرتهم على استخدام موارد المكتبة وخدماتها.
  • اكتشاف محسن للبيانات : يساعد استخدام الإطار الببليوجرافي من إنشاء بيانات ببليوجرافية مترابطة يسهل على المستفيدين اكتشاف موارد المكتبة عبر منصات مختلفة .
  • إمكانية التشغيل البيني : تستند كل من إرشادات  RDA ومعيار  BIBFRAME  ونموذج  LRM إلى معايير مفتوحة، مما يسهل على المكتبات مشاركة البيانات الوصفية وإعادة استخدامها مع المنظمات الأخرى.
  • الذكاء الاصطناعي: يمكن استخدامه لأتمتة المهام التي يقوم بها المفهرسون حاليًا ، مثل إضافة رؤوس الموضوعات وإنشاء التسجيلات الاستنادية والبيانات الوصفية ومن ثم مراجعتها ومع استمرار التطور التكنولوجي، سيتمكن المفهرسون من التركيز على المزيد من الأعمال الإبداعية والاستراتيجية.

وأخيرًا وليس آخراً ، مستقبل الفهرسة مشرق. وسيستمر المفهرسون في لعب دور مهم في المكتبات ، لكن عملهم سيتشكل بشكل متزايد من خلال التقنيات والاتجاهات الجديدة من خلال تبني هذه التغيرات، وسيتمكن المفهرسون من ضمان إمكانية الوصول إلى موارد المكتبة واكتشافها للأجيال القادمة.

 

المصادر

التعليقات

Plain text

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.